ردًا على بعض الإخوة الشيوعيين الذين يصفون الضربات الإسرائيلية على إيران بـ”العدوان”

بقلم : سليمان سليمان – منسق حركة السلام الكوردستاني

وكأن إيران بريئة من الدماء والدمار في المنطقة، وأقول لكل من يدّعي الدفاع عن الإنسان وهو يلوذ بالصمت أمام الجلادين:

إن الشعارات لا تحرر الشعوب!!

 

وأؤكد لهؤلاء الإخوة الذين ينتقدوننا لأننا نتمنى سقوط هذه الأنظمة الفاشية في المنطقة، إننا لا نهتم بأي جهة تسقطها، بل يهمنا فقط أن تسقط. وعندما نقول ذلك، فليس لأننا معجبون بأمريكا أو نحلم بأن أمريكا ستزرع لنا الحدائق أو ترش لنا الورود، بل ندرك تمامًا أن مصالحها هي التي تحركها. لكن في خضم هذا الإدراك، لا يمكننا أن نغلق أعيننا عن إجرام نظام الملالي الفاشي في إيران، الذي لم يتوقف يومًا عن إعدام الشباب الكورد فقط لأنهم كورد، فقط لأنهم طالبوا بأبسط حقوقهم القومية والإنسانية.

ما يثير الغثيان حقًا هو صمت الأحزاب الشيوعية، تحديدًا الحزب الشيوعي السوري بفروعه المتعددة، على هذه الجرائم. لم نسمع منهم إدانة واضحة أو صرخة غضب واحدة في وجه آلة الإعدام الإيرانية. ولكن في المقابل، لا يفوتهم أن يهاجموا أمريكا ليل نهار، حتى لو كانت تحارب الإرهابيين أنفسهم الذين يذبحون الشعوب ويهدمون المجتمعات.

ليست المسألة هنا دفاعًا عن أمريكا، بل دفاع عن الحقيقة، وعن الواقع، وعن القيم التي يفترض أن هذه الأحزاب تقوم عليها. والحقيقة المُرة هي أن هذه الأحزاب كانت دومًا في صف الطغاة. الحزب الشيوعي السوري وقف إلى جانب دكتاتور دمشق الهارب بشار الأسد حتى آخر لحظة، وقبل ذلك صفّق لجرائم والده المقبور، حافظ الأسد. وكان إلى جانبه في ما يسمى بالجبهة الوطنية التقدمية ويصفق لكل القرارات التي كانت تصدر من تلك الجبهة، وخاصة ما يتعلق بالشعب الكوردي، ولم نجد موقفًا معارضًا لمواقف البعث الشوفينية.

إذا كانت هذه الأحزاب تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان، فلماذا لم نرَ لها موقفًا في وجه الدكتاتورية الأسدية؟ لماذا لم نسمع لها صوتًا في وجه الإعدامات السياسية التي ينفذها نظام الملالي؟ الحقيقة التي لا يمكن إنكارها: أن كل نظام فاشي يرفع شعار “الموت لأمريكا”، نجد هذه الأحزاب تقف خلفه، تصفق له، وتغطي جرائمه، فقط لأنه ضد أمريكا! وكأن العداء لأمريكا هو المعيار الوحيد للصواب والخطأ!

نقولها بوضوح: من يصمت على قتل الأبرياء، من يبرر الاستبداد ويجمّل وجه الدكتاتور، هو شريك في الجريمة، أيًّا كان، ولو رفع ألف شعار عن “العدالة الاجتماعية” و”حقوق العمال”.

الكوردي الذي يُعدم فجرًا في زنازين إيران لا يعني له شيئًا أن جلاده يكره أمريكا. ما يعنيه هو أن العالم يصمت… وأن من يدّعون نصرة الإنسان اختاروا أن يكونوا في صف الجلاد.

وأخيرًا، أحب أن أذكر أن معظم الأيديولوجيات التي حكمت الشعوب لعقود قد تطورت أو تغيّرت مع الزمن، باستثناء الفكر الإسلامي وبعض التيارات الشيوعية، وبشكل خاص الشيوعيين العرب في سوريا. فمواقفهم لم تتغير، وكذلك بعض الكورد المتأثرين بهم حيث بقيت مواقفهم أسيرة لشعارات قديمة تجاوزها الزمن.

مثلًا، الفكر الإسلامي لا يزال يتغنى بأمجاد حضارات لم يصنعها، ويتجاهل حقيقة أنه تأسس على الدم والغزوات. أما الشيوعي السوري، فما زال يرفع شعار “الصهيونية والإمبريالية والموت لأمريكا”، رغم أن الذي تراجع هو فكره، بينما أمريكا تقدّمت وأصبحت سيدة هذا العالم.

ملاحظة:

إن منشوري هذا ليس شخصيًا أو موجّهًا لأحد بعينه، وإنما مجرد نقد للمواقف التي كنا نأمل أن تكون أكثر تناسبًا مع الواقع والوقائع. وللعلم، أنا ما زلت من أكثر الناس المؤمنين بالفكر الماركسي غير المنحرف، ولكن للأسف تم استغلال الماركسية لمصالح خاصة جعلت الكثير من الناس ينفرون منها.