بقلم : رسمية حسن – عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا (الپارتي)
لطالما شكّلت قضية حقوق الشعب الكوردي في سوريا محوراً أساسياً في النقاشات السياسية والقومية، خاصة في ظل ما يُسمى بـ”حكومة الشرع” أو أي سلطة مركزية تدّعي تمثيل شرعية الدولة. ورغم العقود الطويلة من التهميش والحرمان والتمييز الممنهج بحق الكورد، لا تزال هذه الحقوق تُطرَح كقضايا هامشية في المفاوضات الوطنية والدولية، وكأنها ملفات مؤجلة إلى أجل غير مسمّى.
إن ما يزيد الأمر تعقيداً هو غياب الصوت الكوردي الموحَّد في مواجهة التحديات الكبرى. ففي الوقت الذي تُصاغ فيه مشاريع الحلول السياسية لسوريا المستقبل، نرى القوى الكوردية منشغلة بخلافات جانبية، وصراعات نفوذ، ومزايدات خطابية، في حين تضيع القضية الجوهرية: حقوق الشعب الكوردي في الأرض، والهوية، والمشاركة العادلة في إدارة الدولة.
اليوم، ونحن أمام واقعٍ تتكالب فيه الأطراف الإقليمية والدولية لرسم ملامح سوريا الجديدة، نجد أن غياب الموقف الكوردي الموحَّد يُعمّق من ضعف حضور الكورد في أي معادلة سياسية قادمة. فما قيمة الحديث عن الحقوق إذا لم يترافق مع وحدة الموقف السياسي، وتجاوز الحسابات الحزبية الضيّقة لصالح المصلحة القومية العليا؟
لقد أثبتت التجارب التاريخية أن الحكومات المركزية المتعاقبة في دمشق – سواء بلبوس قومي أو ديني – لم تعترف يوماً بحقوق الكورد إلا عندما يُجبرها الواقع على ذلك، والواقع لا يُفرَض إلا بقوة الموقف الموحَّد والإرادة السياسية الصلبة. أما أن ننتظر اعترافاً طوعياً من “حكومة الشرع” أو غيرها، فهذا وهم سياسي لا يُنتج سوى المزيد من الإحباط وخيبات الأمل.
المطلوب اليوم من القوى الكوردية في سوريا ليس المزيد من الشعارات، بل بناء جبهة سياسية موحَّدة، تحمل مشروعاً قومياً واضحاً، وتفرض نفسها كطرف رئيسي في أي عملية تفاوض أو تسوية. فالصوت الموحَّد وحده هو القادر على انتزاع الحقوق، أما التشتت فلن يجلب سوى المزيد من التهميش.
ختاماً، تبقى حقوق الكورد قضية عادلة، لكنها بحاجة إلى قيادة موحَّدة، وإلى خطاب سياسي عقلاني وواقعي، يضع المصلحة القومية فوق كل اعتبار. فهل نشهد في القادم من الأيام بروز هذا الصوت الموحَّد، أم تبقى حقوقنا معلَّقة على هامش الأجندات الكبرى؟
