سوريا بين شبح الحرب الأهلية وأمل وحدة الصف: دروس من لبنان لا يجب أن تُنسى
بقلم: حوران حم
تعود نُذر الحرب الأهلية لتلوح مجددًا في الأفق السوري، ولكن هذه المرة ليست نتيجة صراع خارجي صرف، بل بفعل تهديدات داخلية تمارسها الإدارة السورية تجاه مكونات رئيسية من المجتمع السوري، في مقدمتهم العلويون، الكُرد والدروز، في ردٍّ صريح على حراك “وحدة الصف” الذي بدأ يكتسب زخمًا شعبيًا وسياسيًا متصاعدًا.
ما يُقلق اليوم هو أن النظام، بعد أكثر من عقد على بداية الأزمة السورية، لا يزال يراهن على تفتيت البنية المجتمعية السورية بدلًا من ترميمها. فبينما يُفترض أن تكون مؤسسات الدولة حامية لجميع السوريين، نراها تُلوّح بعصا التهديد، وكأنها تنذر الأقليات من مغبة الخروج عن طاعتها، وهو أمر يعيد إلى الأذهان بدايات الانهيار في دول أخرى، أبرزها لبنان.
في السياق ذاته، يُسجل العقلاء من أبناء الطائفة الدرزية موقفًا واضحًا برفض الانجرار إلى أي حرب أهلية جديدة، مدركين تمامًا حجم الكلفة التي سيدفعها الجميع إن اندلعت. لكن تجارب التاريخ تُثبت أن الضغط المستمر على المكونات، مهما كانت حكمتها، قد يُفجّر موجات غضب وانفجار لا يمكن ضبطه.
والأخطر أن هذا التصعيد يأتي بالتزامن مع حراك وطني جامع مثل “كونفرانس وحدة الصف”، الذي كان يجب أن يُقابل بدعم رسمي كفرصة تاريخية لجمع الشتات السوري، لا تهديد من مؤسسات الدولة. ذلك الحراك يُمثّل بارقة أمل لإعادة بناء عقد اجتماعي جديد، تتساوى فيه المكونات في الحقوق والواجبات، بعيدًا عن منطق الامتيازات أو التخوين.
لا يمكن الحديث عن مصير سوريا دون استحضار مثال الحرب الأهلية اللبنانية (1975–1990). حينها، فشلت الدولة في إدارة التعددية، فتفجرت طائفية مقيتة أكلت الأخضر واليابس، وتحولت الطوائف إلى وقود لصراعات إقليمية لا ناقة لها فيها ولا جمل. فهل يريد النظام السوري استنساخ هذا السيناريو؟ أم أن الوقت لم يفت بعد لتدارك الكارثة؟
التوقف الفوري عن سياسة التهديد والفرز، والانخراط الجاد في حوار وطني شامل، يضمن إعادة تشكيل الهوية السورية الجامعة على أسس العدالة والمواطنة. “وحدة الصف” ليست خطرًا على الدولة، بل هي فرصة أخيرة لإنقاذ ما تبقى منها.