بقلم : حوران حم
في زحام الأحداث الكبرى التي تعصف بالمنطقة، وفي ظل التسارع المحموم لإعادة رسم خرائط النفوذ والتحالفات، يبقى الكرد، ولا سيما في كردستان سوريا، عالقين في معادلة خطيرة: شعب حاضر بقوة على الأرض، لكنه مستثنى من القرار السياسي، محروم من أبسط ضمانات الحماية، وتُستثمر تضحياته كورقة في لعبة المصالح الإقليمية والدولية.
لقد أثبت الكرد عبر نضالهم المرير خلال السنوات الماضية أنهم رقم صعب لا يمكن تجاوزه. خاضوا معارك شرسة ضد قوى الإرهاب، دافعوا عن مناطقهم بصدورهم العارية، وقدموا آلاف الشهداء في سبيل كرامتهم ووجودهم، رغم كل التحديات والملاحظات، أثبتت قدرتها على تحقيق نموذج ديمقراطي متقدم وسط بحر من الفوضى والانهيار في سوريا. لكن، ورغم كل هذه الإنجازات، ما زال المجتمع الدولي يتعامل مع الكرد كأدوات تنفيذية مؤقتة، لا كشركاء حقيقيين في صناعة مستقبل المنطقة.
التجاهل الممنهج والتوظيف المرحلي: سياسة القوى الكبرى
إن السياسات الدولية تجاه الكرد، ولا سيما من جانب القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، تقوم على منطق التوظيف المرحلي:
حين كان خطر “داعش” يهدد العالم، تم الاعتماد على الكرد كقوة رئيسية لكسر هذا المشروع الظلامي، دون أن تُمنح هذه القوة أي التزام سياسي أو ضمانات مستقبلية.
وعندما حان وقت التفاهمات الإقليمية، تم استبعاد الكرد من طاولات القرار، وتُركت مناطقهم عرضةً للابتزاز التركي والصفقات الروسية، دون أدنى اعتبار لحقوقهم وتطلعاتهم.
وحتى اليوم، لا يزال المجتمع الدولي يتجاهل واقع أن الكرد ليسوا مجرد قوة عسكرية، بل شعب له قضية عادلة، وله حق مشروع في تقرير مصيره وبناء مستقبله بحرية وكرامة.
تاريخ من التضحيات.. ومصير معلق بين المصالح
القضية الكردية ليست قضية عابرة أو طارئة على المشهد السياسي في الشرق الأوسط. إنها قضية شعب يعيش على أرضه التاريخية، قدم تضحيات جسامًا في مواجهة سياسات الإنكار والصهر القومي والاحتلال والتهميش. في سوريا، كان الكرد وما زالوا جزءًا أصيلًا من النسيج الوطني، لكنهم تعرضوا لعقود من التمييز والحرمان والاضطهاد. اليوم، ومع اقتراب مسار الحل السياسي في سوريا إلى مراحل حاسمة، يصبح السؤال أكثر إلحاحًا:
هل سيبقى مصير الملايين من أبناء الشعب الكردي رهينة تفاهمات اللحظة وصفقات المصالح، أم أن الوقت قد حان ليكون للكرد دور فاعل ومكانة مستحقة في مستقبل سوريا والمنطقة؟
رسالة واضحة للمجتمع الدولي: لا شرعية لأي حل يتجاهل الكرد
رسالة مباشرة وصريحة إلى المجتمع الدولي، إلى الأمم المتحدة، وإلى القوى الفاعلة في الملف السوري:
لا يمكن الحديث عن حل سياسي عادل وشامل في سوريا دون الاعتراف بوجود الكرد وحقوقهم المشروعة. لا يمكن لأي تسوية تُفرض على الأرض أن تكون قابلة للحياة إذا تجاهلت مطالب الملايين من أبناء شعبنا.
لا شرعية لأي دستور سوري جديد لا يُقر بحقوق الكرد كشعب أصيل، ولا لأي عملية سياسية تُقصي ممثلي الكورد الحقيقيين من طاولة المفاوضات.
خطوات عملية: من الشكوى إلى الفعل
حتى لا تبقى هذه الرسائل حبيسة الأدراج، فإننا ندعو إلى تبني خطة عمل واضحة، تشمل:
عقد مؤتمر دولي خاص بالقضية الكردية في سوريا، برعاية الأمم المتحدة أو جهة دولية محايدة، يضم ممثلي الشعب الكردي الحقيقيين، إلى جانب أطراف دولية فاعلة، لمناقشة مستقبل الكرد في سوريا وضمان حقوقهم الدستورية والسياسية والإدارية.
تشكيل لجنة دولية مستقلة لتوثيق الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت بحق الكرد في سوريا، بدءًا من التغيير الديمغرافي في عفرين وسري كانيه/رأس العين وتل أبيض، مرورًا بالتهديدات المستمرة لمناطق كردستان سوريا، وصولًا إلى الممارسات القمعية التي تستهدف وجود الكرد وحقوقهم.
الضغط على القوى الدولية لتقديم ضمانات حقيقية للكورد، عبر قرارات ملزمة من مجلس الأمن، تضمن حمايتهم من أي عدوان خارجي، وتمنع أي عمليات عسكرية تستهدف مناطقهم.
إطلاق حملة دبلوماسية وإعلامية شاملة لشرح عدالة القضية الكردية أمام الرأي العام العالمي، بالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، لتوضيح أن القضية الكردية ليست مجرد مسألة محلية، بل قضية حقوق إنسان وكرامة ووجود.
العمل على بناء تحالفات استراتيجية مع القوى الديمقراطية والليبرالية في المنطقة والعالم، لإبراز أن الكرد ليسوا طرفًا انعزالياً أو انعكاسًا لمشروع قومي ضيق، بل حاملين لمشروع ديمقراطي تقدمي يخدم استقرار المنطقة بأسرها.
لن نكون أيتام السياسة الدولية
نحن شعب حاضر بقوة إرادته، ولسنا مجرد أدوات بيد القوى الكبرى. لن نقبل أن تبقى تضحياتنا بلا مقابل، ولن نسمح بتكرار سيناريو التهميش الذي عانى منه شعبنا لعقود.
نطالب بحقوقنا كاملة، نرفض أي صفقة تُعقد على حسابنا، ونُعلنها للعالم:
الكورد شعب له قضية عادلة، ولن يُكسر نضاله، ولن يُدفن صوته في زوايا غرف التفاوض المغلقة.
إرادتنا مستمرة، نضالنا مستمر، وسنظل نرفع صوتنا عاليًا حتى نحقق الحرية والكرامة لشعبنا، ونكون جزءًا أصيلًا من رسم مستقبل سوريا والمنطقة، لا ضحايا ولا أدوات، بل شركاء حقيقيين في صناعة القرار.
نضم صوتنا لصوتك ونحن واطفالنا ايضا نطالب بحقنا والاعتراف الدولي لحقوقنا لنصنع سوريا سويا
ولولا الاكراد ل اجتاحت داعشت حتى دول الغرب
ولايمكن لأي دولة في العالم تهميش الكورد ولايمكن لسوريا أن تستقر إلا بمشاركت كل الطوائف .والاكراد ليسو أداة تستخدمونهم وقت كل الدول لم تقدر توقف بوجه داعش .ولكن الاكراد رغم سلاحهم البسيط وشجاعتهم قضو على مشروع داعش رغم خسارتنا ل الابطال الذي ضحو باارواحهم .أن لم يقف الغرب وامريكا والمجتمع الدولي مع الاكراد والاعتراف بهم وبحقوقهم المشروعة ومشاركتهم في تأسيس الدولة السورية